580

ألإصلاحات في مجال التعليم الأوزبكي



تشهد أوزبكستان إصلاحاتٍ كبيرةً في مجالاتٍ متعددةٍ، وفي مجال التعليم على وجه الخصوص، حيث يقترب عددُ الجامعات في البلاد من مائةٍ وخمسين (150) جامعة، تعمل هذه الجامعات على تخريج المؤَهَّلين المُحْترِفين في مختلِف العلوم الحديثة، وقد تم افتتاح العديد من هذه الجامعات بالتعاون مع دول أجنبية.

تقوم هذه الجامعاتُ على تخريج وتدريب الشباب في مجالات: التأريخ، والأدب، والفلسفة، والقانون، وعلم الفلك، والفيزياء، والكيمياء، والطب، واللغات، والجغرافيا، والموسيقى، والرياضيات، وعلم المعادن، والزراعة، والفنون الجميلة، والعديد من المجالات الأخرى.

وفي الوقت نفسِه، فإننا نُوَلِّى إهتماما خاصا لتراثِنا الثقافي، حيث لايمكن بناءُ مستقبَلٍ مُشْرِق بدون تاريخٍ، فدولة أوزبكستان تملك من بين أكثرَ من مائةِ ألف (100000) مخطوطةٍ وطِباعةٍ حَجَرِيةٍ محفوظةٍ في بلدنا اليوم؛ أكثرُ من مائتين (200) مخطوطة بلغات مختلفة في علم الفلك. 

من المناسب دراسة هذه الأعمال بدقة، والجمع بين المعلومات الموجودة فيها والعلم الحديث، حيث قدم أجدادنا للعالم تراثا غنيا يمكن تفعيلُه والاستفادة منه في يومنا هذا، حيث كان أمثال ابن سينا ،والبيروني، والخوارزمي، وميرزا أولوغبيك؛ من رُوَّاد العلم، ليس في العالم الإسلامي فقط، بل في أرجاء المعمورة.

تشهد بلادنا - والحمد لله - تطورا في المجال الثقافي والديني يتناسب مع تاريخ بلدنا وإسهاماتها في التاريخ الإنساني.

يمكن تقسيم مجال التعليم الديني في أوزبكستان اليوم إلى ثلاث فِئَات:

  • الفئة الأولى: التعليم الديني الخاص.
  • الفئة الثانية:  التعليم الديني العام. 
  • الفئة الثالثة: التعليم الديني من خلال البوابات الإلكترونية الرسمية.

 

1) أما التعليم الديني الخاص؛ فيتمثل في مؤسسات التعليم الديني المتخصص، حيث يوجد اليوم خمسَ عشرةَ (15) مؤسسة تعليمية دينية في أوزبكستان،  منها عشر (10) مدارس ثانوية إسلامية، منها مدرستان (2) لتعليم البنات، وكذلك ثلاثة (3) معاهد إسلامية عليا تعطي شهادة جامعية، وكل هذه المدارس والمعاهد تقدم التعليم الديني المتخصص تحت إشراف إدارة مسلمي أوزبكستان.

وتجدر الإشارة إلى أن ممثلي جميع الأديان في أوزبكستان يعاملون على قدم المساواة، وأن مصطلح "أقلية دينية"  لا وجود له في ثقافتنا ولغتنا،حيث يوجد في طشقند مدارس أرثوذكسية وبروتستانتية.

تأسست مدرسة طشقند الأرثوذكسية في 1 أكتوبر 1990 كمؤسسة تعليمية ثانوية خاصة، ثم في 9 أبريل 1998 ، تم تحويلها إلى معهد لاهوتي، وفقًا لقواعد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، ويدرس فيها بعض الأوزبك وطلاب من روسيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان.

تعمل مدرسة طشقند البروتستانتية في سمرقند منذ عام 1992، وفي عام 2004، تم نقلها إلى طشقند، وأعيد تسجيلها كمدرسة رسمية.

في السنوات الأخيرة، نفذت بلادنا - كما هو الحال في بلدان أخرى حول العالم - عددًا من الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم الديني، فقد تم وضع إجراءات لتنظيم وتطوير نظام التعليم الديني بما يتوافق مع المعايير الدولية.

وقد ارتفع عدد مؤسسات التعليم الديني العالي في البلاد إلى خمس مؤسسات في السنوات الثلاث الماضية .

واليوم، تعد مدرسة الحديث النبوي الشريف في سمرقند أحدث تلك المؤسسات التعليمية الدينية وأكثرها تقدما، فهي مدرسة فريدة من نوعها في آسيا الوسطى، حيث تعتمد التعليم الرقمي بالكامل، ويشارك الخبراء الأجانب أيضًا في تطوير العملية التعليمية حيث لدينا في هذه المدرسة اثنان من أساتذة جامعة الأزهر الشريف.

ومن أجل تحسين مهارات الأئمة والخطباء الحاصلين على التعليم الثانوي ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم؛ أتحنا لهم تعليما عاليا بحيث يكملون دراساتهم، ودون ترك وظائفهم، وذلك ضمن  برنامج خاص لمدة ثلاث سنوات في معهد طشقند الإسلامي العالي، بدءا من العام الدراسي 2019-2020.

2) أما التعليم الديني العام، فيتمثل  في المؤسسات التعليمية العامة حيث يتم تقديم مواد تتعلق بـ"تاريخ أديان العالم"، و"مقارنة الأديان"، في المدارس الثانوية العامة، بالإضافة إلى مادة "الأخلاق"، و "الثقافة الأوزبكية". وفيها يتم تناول المعلومات حول الأديان العالمية والوطنية، والعبادات والطقوس المتعلقة بها، دون إعطاء تفضيل لأي دين، بطريقة موسوعية.

وتجدر الإشارة إلى أن تخصصات مثل" الأدب الأوزبكي "تشمل نصوصًا دينية، وأحاديث نبوية، ونماذج من القصص الديني، والتي تعمل على تنمية الإنسانية، والوطنية، واحترام الوالدين، ومشاعر اللطف المتبادل بين الناس.

ويمكن أن نقدم هذه الخلاصة حول الوضع الديني في مؤسسات التعليم العام في أوزبكستان:

  1. يتم توفير المعرفة الدينية في المؤسسات التعليمية العامة بأوزبكستان على أساس نهج أكاديمي موضوعي. 
  2. تم إدخال مادة جديدة تسمى "التربية" لطلبة الصفوف من الأول إلى الحادي عشر من التعليم الثانوي العام، والتي تجسد القيم العالمية، والدينية، والروحانية السامية.
  3. دراسة "الدين" تتم ضمن برامج  مؤسسات التعليم العالي، في تخصص يشمل دراسة ديانات العالم من حيث تاريخها وجغرافيتها والتعريف بها، دون تفضيل أو تمييز، كما أن جميع المؤسسات التعليمية الدينية تدرس العلوم الدنيوية بجانب العلوم الدينية، وتتم هذه الدراسات بطريقة أكاديمية موضوعية.

ومن أهم هذه المؤسسات: الأكاديمية الإسلامية الدولية بأوزبكستان، وهي مؤسسة تعليمية وبحثية رائدة متخصصة في تدريب المتخصصين المؤهلين في هذا المجال، تأسست بموجب مرسوم بتاريخ 16 أبريل 2018 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 22 يونيو 2018.

تقوم الأكاديمية الإسلامية الدولية بأوزبكستان بتنفيذ الأعمال التالية:

أولاً: تؤهل الأكاديمية الدارسين في تخصصات دراسية تشمل: الدراسات القرآنية، ودراسات الحديث النبوي، والتاريخ الإسلامي، ودراسات المصادر، والعقيدة وعلم الكلام، والفقه الإسلامي، والتصوف الإسلامي. 

ثانياً: ندرس التجارب العالمية في تدريس التربية الدينية، ونضع التوصيات اللازمة.

ثالثًا: يقوم مركز الضياء الإعلامي  Ziyo Media Center التابع للأكاديمية بإعداد أفلام، وبث إذاعي حول القضايا الدينية، ونشر الوعي، ومحاربة التطرف.

رابعا: يقوم باحثوا الأكاديمية بإعداد دراسات، وكتب دراسية تفيد في المجالات المختلفة، مثل: المنظمات الدينية، وحرية التدين، والتسامح.

خامساً: تقوم الأكاديمية عبر مركز التدريب بتدريب العاملين في المجال الديني، ومدرسي التعليم الثانوي والتعليم العالي الديني، وموظفي الخدمة المدنية لتعريفهم بالقضايا الدينية المستجدة والإصلاحات في مجال الدين، ويستفيد من مركز التدرييب الجمهور العام بهدف نشر الوعي والتنوير.

سادسا: أنشأنا لجنة تابعة للأكاديمية لتنسيق الأنشطة العلمية في جميع المؤسسات التعليمية الثانوية والعليا، ومراكز البحوث الإسلامية في أنحاء أوزبكستان. 

سابعا: يتم إدخال التقنيات الرقمية على نطاق واسع في مجال التعليم الديني، حيث تستكمل جميع المؤسسات التعليمية الدينية عملية الاتصال بقاعدة بيانات واحدة، وفي الوقت نفسه، يجري العمل على تطوير التعليم الديني العالي ليتوافق مع نظم الجودة الحديثة المعتمدة.

3) أما الفئة الثالثة، والتي تتعلق بالتعليم الديني من خلال البوابات الإلكترونية التابعة للتعليم الديني الرسمي، فإن لدينا الموقع الرسمي لإدراة مسلمي اوزبكستان "muslim.uz"، ولدى المؤسسات التعليمية الدينية الرسمية مواقعها وقنواتها أيضا، وكذلك للمساجد، وللأئمة الموهوبين، محتويات منشورة عبر قنوات التلغرام والوتساب وغيرها، مما يوفر فرصا للتعليم الديني لعموم شعبنا. 

تشمل هذه الفئة فرصًا للتعليم الديني في شكل دروس عامة عبر الفيديو، والمقالات ، والرسوم البيانية ، والرسوم المتحركة ، والدروس الصوتية، والكتب، والتوجيهات العامة، والتوعية في القضايا المهمة من خلال وسائل التواصل والمواقع المتنوعة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أنشأت إدارة  مسلمي أوزبكستان مركز اتصال، للرد على الأسئلة الدينية عبر الهاتف؛ ففي عام 2021، تم الرد على أكثر من خمسة وسبعين ألف (75000) سؤال من خلال مركز الاتصال، بالإضافة إلى ذلك ، تم الرد على حوالي ستة وتسعين ألف (96000) سؤال خلال العام من خلال موقع الفتوى "fatvo.uz"، وموقع المسلم "muslim.uz"، وقناة الفتوى عبر التلغرام Telegram bot "QuestionsMuslimUzBot".

وتغطي معظم الأسئلة مسائل كالصلاة، والوضوء، والدعاء، والمسائل التي تتطلب معرفة متعمقة نادرة في الفقه والعقيدة، ويشير كل هذا إلى حاجة السكان إلى التربية الدينية والتشوف إلى معرفة الإسلام، كما  يمكن ملاحظة أن معظم الأسئلة ليست ضمن نطاق المسائل الدينية المتعمقة.

لدينا أيضا محاضرات للأئمة في مساجد البلاد، وعددها ألفين وستة وتسعين (2096) مسجدا، وتقام هذه الدروس على وجه الخصوص في المساجد الكبيرة، وذلك كل يوم خميس، بحيث تخدم احتياجات السكان في التعليم الديني.

باختصار، تم اتخاذ الإجراءات المحددة في التعليم الديني بشكل تدريجي.

وفي الوقت الحاضر، تتكامل الأكاديمية الإسلامية الدولية في أوزبكستان، ومعهد طشقند الإسلامي، ومدرسة مير العرب العليا ببخارى، ومدرسة الحديث الشريف بسمرقند، مع 10 مدارس إسلامية ثانوية، بما في ذلك مدرستان للبنات، وبالتعاون مع مراكز البحوث العلمية مثل مركز الإمام البخاري الدولي ومركز الإمام الماتريدي الدولي ومركز الإمام الترمذي الدولي للبحوث العلمية، وغيرها لتقديم التعليم الديني المستمر. 

إن هذه المؤسسات جميعا تشكل خدمة كاملة من التعليم الديني، والتي تبدأ من نشر الوعي العام ومرورا بالتعليم الثانوي الخاص، وانتهاء بدرجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في التخصصات الإسلامية.

 

الدكتور ميرعادل حيدروف.

رئيس قسم الحضارة الإسلامية في الأكاديمية الإسلامية الدولية بأوزبكستان

Оставить комментарий